سياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط فرص وتحديات

في ظل انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة من جديد، تبرز ثلاثة ملفات أساسية كمفاتيح لفهم توجهاته المستقبلية تجاه الشرق الأوسط: “صفقة القرن”، “الاتفاق الإبراهيمي”، و”الاتفاق النووي”. هذه الوثائق ليست فقط إطاراً لفهم الماضي، بل ربما تشكل الأساس لسياسة إدارته المقبلة في المنطقة.

صفقة القرن:

طرحت إدارة ترامب ما عُرف بـ”صفقة القرن” كحل للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، تحت إشراف صهره جاريد كوشنر. تهدف الخطة، نظرياً، للحفاظ على حل الدولتين، لكنها عملياً وضعت قيوداً مشددة على الدولة الفلسطينية. فقد منحت إسرائيل الحق في ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية والسيطرة الأمنية الكاملة، بما في ذلك الحدود، مما جعل الفلسطينيين يرون فيها دولة مجزأة ومنزوعة السيادة.

ورغم أن الخطة تضمنت حوافز اقتصادية بقيمة 50 مليار دولار، إلا أنها أغفلت القضايا الأساسية كحق العودة والسيادة الفلسطينية، مما أدى إلى رفض فلسطيني واسع لها. وركّزت الخطة على التنمية الاقتصادية كبديل لتحقيق السلام، لكنها فشلت في كسب دعم عربي ودولي كافٍ.

الاتفاق الإبراهيمي:

الركيزة الثانية في رؤية ترامب للشرق الأوسط تتمثل في “الاتفاق الإبراهيمي”، الذي يشجع على التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل. ترامب يرى أن تعزيز السلام بين إسرائيل والدول العربية، وخصوصاً المملكة العربية السعودية، سيخلق واقعاً استراتيجياً جديداً في المنطقة.

الفكرة هنا تقوم على “السلام مقابل الازدهار”، حيث يسعى ترامب لتوفير استثمارات ضخمة لتحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين، مع دمج إسرائيل في المنظومة الإقليمية اقتصادياً وسياسياً. هذا التوجه، رغم طموحه، يواجه تحديات كبيرة بسبب الرفض الشعبي العربي والفلسطيني لأي تطبيع لا يترافق مع حل عادل للقضية الفلسطينية.

الاتفاق النووي:

أما على صعيد الملف الإيراني، فمن المتوقع أن تكون سياسة ترامب امتداداً لنهجه السابق. فقد اعتمد ترامب خلال ولايته الأولى سياسة “الضغط الأقصى”، التي تضمنت عقوبات اقتصادية مشددة وعمليات عسكرية محدودة مثل اغتيال قاسم سليماني.

رغم انسحابه من الاتفاق النووي في 2018، يبدو ترامب منفتحاً على تفاوض جديد مع إيران، بشرط أن يكون الاتفاق القادم أقوى وأكثر شمولاً. وفي ظل تراجع النفوذ الإقليمي لطهران بعد الضربات التي تلقتها “حماس” و”حزب الله”، قد تكون هناك مساحة للتسوية، إذا ما توافقت المصالح.

خلاصة:

سياسة ترامب في الشرق الأوسط تتسم بالبراغماتية وتركز على تحقيق المصالح الأميركية عبر حلول غير تقليدية. سواء كان عبر التخلي عن حل الدولتين، تعزيز الشراكات الاقتصادية لتحقيق السلام، أو مواجهة إيران مع ترك الباب مفتوحاً للتفاوض، فإن هذه السياسة قد تشكل فرصة لإعادة صياغة الواقع الإقليمي، ولكنها أيضاً تحمل في طياتها مخاطر كبيرة إذا ما فشلت في تحقيق التوازن المطلوب بين المصالح المختلفة.

Share this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *