نالت حكومة الرئيس نواف سلام ثقة مجلس النواب اللبناني بـ 95 صوتًا، في جلسة شكّلت محطة مفصلية على الساحة السياسية، وسط تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية كبيرة تواجه لبنان. وأكد سلام في كلمته أن حكومته ستعمل على تعزيز ثقة المواطنين عبر الالتزام الفعلي بما جاء في البيان الوزاري، بعيدًا عن الوعود غير القابلة للتنفيذ.
بيان وزاري يحدّد المسار لا الخطة التنفيذية
شدد سلام على أن البيان الوزاري ليس خطة عمل تفصيلية، بل هو خارطة طريق تحدّد التوجهات الأساسية للحكومة خلال الفترة المقبلة. وقال: “عندما نقول ’نريد‘ في البيان الوزاري، فهذا ليس فعل تمنٍّ بل فعل التزام، وسنثبت ذلك من خلال عملنا.”
كما أوضح أن الحكومة ليست “برلمانًا مصغّرًا”، في إشارة إلى ضرورة الفصل بين المعارضة والموالاة، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة تتطلب وضوحًا في المواقف السياسية والعمل بجدية لمعالجة الملفات الشائكة.
السيادة اللبنانية في صلب الأولويات
أحد أبرز النقاط التي أكدها سلام هي التزام الحكومة بالعمل دبلوماسيًا لحماية سيادة لبنان، حيث أطلق حملة دبلوماسية منذ تأليف الحكومة تهدف إلى:
- إلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية والانسحاب من الأراضي المحتلة.
- تنفيذ القرار الدولي 1701 بالكامل بما يضمن استقرار الحدود الجنوبية للبنان.
- تأكيد حق لبنان في الدفاع عن نفسه ضد أي اعتداء محتمل.
هذه الخطوات تأتي في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، حيث يسعى لبنان لتأمين دعم دولي يضمن تنفيذ القرارات الدولية ويحمي حدوده من الخروقات الإسرائيلية المتكررة.
الاقتصاد والكهرباء: إصلاحات عاجلة
في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، شدد سلام على أن الحكومة ستعمل على تحسين الوضع الاقتصادي والخدماتي، مع التركيز على الملفات التالية:
- تحسين وضع السجون، الذي يعاني من أوضاع إنسانية صعبة نتيجة الاكتظاظ وضعف البنية التحتية.
- رفع مستوى جباية الكهرباء لتعزيز الإيرادات وضمان تحسين الخدمة للمواطنين.
- تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء خلال أسابيع، وهي خطوة طال انتظارها لتنظيم هذا القطاع الحيوي وضمان استقراره.
ملف النازحين: حوار جدي مع سوريا
أكد سلام أن الحكومة ستولي أهمية كبرى لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، مشيرًا إلى أن الحكومة ستنفتح على حوار جدي مع سوريا والهيئات المختصة للوصول إلى حلول مستدامة لهذا الملف الشائك، دون الرضوخ لأي ضغوط خارجية.
وفي سياق متصل، شدد رئيس الحكومة على أن لبنان لن يقبل بأي مقايضة بين المساعدات الدولية لإعادة الإعمار وأي شروط سياسية، مؤكدًا أن الحكومة ستعمل على ضمان حصول لبنان على الدعم اللازم للنهوض دون المساس بالسيادة الوطنية أو فرض أجندات خارجية.
مرحلة جديدة… بانتظار التنفيذ
بعد نيل الثقة، تتّجه الأنظار إلى أداء الحكومة في تنفيذ وعودها، خصوصًا في الملفات الاقتصادية والخدماتية والأمنية. فهل ستنجح حكومة نواف سلام في كسب ثقة المواطنين عبر الأفعال وليس الأقوال؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.