بعد 23 شباط 2025: لبنان والمرحلة المقبلة

أصبح لكل طائفة في لبنان ضريحها، وأصبح من المفترض أن يتخذ كل طرف قرارًا بإنهاء حالة الجمود الوطني وإعادة بناء لبنان. مع انتهاء 23 شباط 2025، ينبغي على الجميع التفكير بعقلانية بعيدًا عن العاطفة والمبالغة.

مشهد الأمس لم يكن مفاجئًا، فقد حضر محبو السيد نصر الله لوداعه، ولكن الطائفة الشيعية ودعت أكثر من مجرد قائد استثنائي، فقد كان السيد نصر الله يُعتبر رمزًا سياسيًا تخطى حدود لبنان. الطائفة الشيعية ودعت أيضًا شيئًا من قوتها السياسية ومن مفهوم فائض القوة الذي فرضه بعض أعضائها، والذي كانت غالبيتها متهمة بمحاولة فرض منطقها على باقي الطوائف.

في لحظات الحزن، ارتفعت الأصوات التي صورت ضعف حزب الله بعد اغتيال السيد نصر الله، ولكن الشيعية السياسية لم تنتهِ بعد، رغم ما تعرضت له من ضربات قوية على يد الحرب الإسرائيلية، التي استهدفت أبرز قادتها وقوتها العسكرية. الحضور السياسي في المرحلة المقبلة سيحدده الانتخابات النيابية القادمة.

اليوم، تفتح مرحلة ما بعد 23 شباط 2025 فرصة جديدة للجميع للمشاركة الفاعلة في بناء الدولة. في هذه المرحلة، لا يمكن فرض القوة والنفوذ، بل يجب العمل ضمن إطار الدستور والقانون، مع احترام إرادة الشعب التي تتجسد في الانتخابات. صوت العقل يجب أن يحل محل الأجندات السياسية أو الإعلامية التي تهدف إلى تعبئة الشارع وجذب الأنصار.

كما قال الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم: “لبنان هو وطن نهائي لجميع أبنائه”، وهذا يستدعي من الجميع التعاون والعمل من أجل بناء دولة واحدة، جيش واحد، سلاح واحد، وهدف واحد.

الشيعة والمصلحة الوطنية يقتضيان تطبيق القرار 1701 والعمل ضمن منطق الدولة. على حزب الله أن يلتزم بهذا المسار لأنه في حال تخاذل الدولة عن واجبها في حماية الأرض والدفاع عنها، فإنها تقترف خطأ كبيرًا بحق نفسها وتفتح الباب أمام تشكيل دويلات صغيرة.

الانتخابات النيابية المقبلة هي الفرصة الحاسمة لتمثيل خيار آخر للشيعة، والذي يجب أن يعكس رغبة الناس في التغيير وبناء لبنان القوي المستقر.

Share this article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *